Admin Admin
الابراج : عدد المساهمات : 302 نقاط : 55112 النقط : 0 تاريخ التسجيل : 22/01/2010 العمر : 52 الموقع : الرباط بالمغرب الحبيب
| موضوع: إذا قال لك قَائِلٌ: مَن تَعبُد؟ الثلاثاء 2 مارس 2010 - 14:51 | |
| إذا قال لك قَائِلٌ: مَن تَعبُد؟ فَقُلْ: أَعبُدُ الله الذي لا إلَهَ إلا هو، الذي ليسَ متحيزًا في الأرضِ ولا في السماء، كان قبلَ المكان والزّمان وهُو الآن كما كانَ،موجود كانَ،موجود بلا مكان ولا جهة لا يُمكنُ تصويرُه في القلب لأنهُ لا شبيه له في الموجودات، في الأَرْضِ سُلْطَانُهُ، وفي الجنَّةِ رَحمتُهُ، وَفي النَّارِ عِقَابُهُ. فإذا قال لك: ما الله؟ فَقُل: إن سَأَلْتَ عن اسمِهِ فالله الرحمنُ الرحيمُ له الأسماءُ الحسنى. وإن سَأَلتَ عن صِفَتِهِ فَحَيَاتُهُ ذَاتِيَّةٌ أزَلِيَّةٌ، وعِلْمُهُ مُحِيطٌ بكل شىءٍ، وَقُدرَتُهُ تَامَّةٌ، وحِكْمَتُهُ بَاهِرَةٌ، وسَمْعُهُ وبَصَرُهُ نافِذٌ في كل شَىءٍ.
وإن سَأَلْتَ عن فِعْلِهِ فخلقُ المخلوقاتِ ووضع كل شىءٍ مَوضِعَهُ.
وإن سَأَلتَ عن ذاتِهِ فليس بِجِسْمٍ ولا عَرَضٍ وليس مُرَكبًا، وكل ما خَطَرَ ببالك فالله بخلاف ذلك. بَلْ ذَاتُهُ مَوْجُودٌ وَوُجُودُهُ واجبٌ، لم يَلِدْ ولم يُولَدْ وَلم يَكُنْ له كفوًا أَحَدٌ، ليس كَمِثْلِهِ شَىءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ. ومن قال: أَعبُدُ الذَّاتَ المتَّصِفَ بالصّفَاتِ فهو المؤْمِنُ النَّاجِي.
فإذا قال لك: مَا دَلِيلُكَ على وُجُودِ الله؟ فقل: هذه السَّمَاء بِكَوَاكِبِها وأَفْلاكِها، وهذه الأرضُ بِفِجاجِها ومِيَاهِها، وهذه النَّبَاتَات بتنوعِ أَشْجَارِها وثمارِها، وهذه الحيوانات باخْتِلافِ أَشكَالِها وأفعَالِها، وكلها تَدُل على وجودِ خَالِقِها وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَقِدَمِهِ وَقُدْرَتِهِ.
فإذا قَالَ: كَيْفَ دَلَّتْ عليْهِ؟ فقل: إنّها مُمكِنَة قَابِلَة للزَّوَالِ، وكلّ ما كان كذلك فهو حَادِثٌ، وإذا كانت حَادِثَة افتَقَرت إلى مُحدِثٍ أوْجَدَهَا. أو قُلْ: إنها مَوْجُودَة بعد عَدَمٍ، وكُلّ مَوجُودٍ بعد عَدَمٍ لا بُدَّ له مِن مُوجِدٍ أخرجهُ من العدمِ، فهذه المخلوقات لا بد لها من مُوجِدٍ أوجدَها وهو الله سبحانه وتعالى.
فإذا قال لك: ما دليلُكَ على حُدُوثِها؟ فقل: اتّصَافُهَا بالأَعْرَاضِ المتغيّرة من عَدَمٍ إلى وُجُودٍ ومن وُجُودٍ إلى عَدَمٍ، وكُل مُتَغَيّر حادِث، ولو حَدَثَتْ بِنَفْسِها لَزِمَ تَرْجيح المرْجُوح وهو الوجود بلا سَبَبٍ وهو باطلٌ، لأن القديمَ لو لحقهُ العدمُ لكانَ جائِزَ الوجودِ والعَدَمِ لفَرْضِ أي تقدير اتّصافِهِ بهما، والجائزُ لا يكون وجودُه إلا حَادِثًا لاحتياجِهِ إلى مُرَجّحٍ يُرَجّح وجوده على عدمِهِ، ولو قام العرضُ بنفسهِ لَزِمَ قَلْبُ حقيقتِهِ، لأنَّ حقيقة العَرضِ أنّه لا يَقُومُ بنفسِهِ وأنّهُ لا ينتقل وقلبُ الحقيقة مُحالٌ، وما أدّى إلى المحَالِ مُحالٌ فَقِيَامُهُ بِنَفْسِهِ وانْتِقَالُهُ مُحالٌ، لأن الجِرم إمّا متحرّكٌ وإما ساكنٌ ولا يجوز أن يكون في حال حركته سكونُه كامنٌ فيه، ولو كان الجِرمُ ساكنًا في حال حركته لاجْتَمع الضّدّانِ واجتماعُهما مُحالٌ. ولا يمكن ثبوتُ جِرمٍ ليس بمُتَحَرّكٍ ولا ساكنٍ ولا مُفْتَرِقٍ ولا مُجتَمِعٍ، ولا يُمْكِنُ عُروُّ الأجرامِ عن بعض الأعراضِ لأنَّه لو جَازَ العُروُّ عن بعضها لجاز عن جميعِها وهو باطِلٌ.
فإذا قال لك: أين الله؟ فقل: مع كُلّ أَحَدٍ بِعِلْمِهِ لا بذاته، وفوقَ كُلّ أَحَدٍ بقُدرَتِهِ، وظَاهِرٌ بكُلّ شَىءٍ بآثارِ صِفاتِهِ، وباطِنٌ بحقيقةِ ذاتِهِ أي لا يمكن تصويره في النفس مُنَزَّهٌ عن الجِهَةِ والجِسْمِيَّةِ، فلا يقال: له يَمينٌ ولا شِمالٌ ولا خَلْفٌ ولا أَمَامٌ، ولا فَوْقَ العَرْشِ وَلا تَحتَهُ، وَلا عن يمينِهِ ولا عن شِمَالِهِ، وَلا دَاخِلٌ في العالمِ وَلا خارجٌ عنهُ. وَلا يُقَالُ: لا يَعْلَمُ مَكَانَهُ إلا هُوَ. ومَنْ قَالَ: لا أَعْرِفُ الله في السَّمَاءِ هو أَمْ في الأَرْضِ كَفَرَ لأنه جعلَ أحدهُما له مكانًا،
فإذا قال لك: ما دَلِيلُكَ على ذلك؟ فقل: لأنه لو كان له جِهَةٌ أو هو في جِهَةٍ لكان مُتَحَيزًا، وكُلّ مُتَحَيّزٍ حَادِثٌ والحدُوثُ عليه مُحالٌ.
| |
|